بعد ساعات فقط من عودة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي إلى عدن قادمًا من الرياض، ومعه عضوا المجلس سلطان العرادة وعبدالله العليمي، فاجأ رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو مجلس القيادة، عيدروس الزبيدي، الساحة السياسية بإصدار سلسلة من القرارات التي حملت طابعًا “سياديًا”، شملت تعيين وكلاء في عدد من المحافظات، ورئيسًا لهيئة الأراضي، ونائبًا لوزير الإعلام والثقافة والسياحة.
هذه الخطوة وضعت العليمي في موقف لا يُحسد عليه، خصوصًا أنه عاد إلى عدن بعد لقاء مع السفير السعودي محمد آل جابر، الذي طمأنه بأن العلاقة مع الزبيدي لن تشهد أي توترات، غير أن قرارات الزبيدي جاءت عكس ذلك تمامًا، وكأنها رسالة تحدٍّ موجهة للعليمي نفسه، وللمملكة العربية السعودية التي ترعى مجلس القيادة منذ إنشائه.
هل للزبيدي الحق دستورياً في هذه القرارات؟
من الناحية الدستورية والقانونية، فإن صلاحية إصدار التعيينات في المناصب العليا (نواب وزراء، رؤساء هيئات، وكلاء محافظات) تعود حصريًا إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي بصفته “رئيس الدولة”، وفق إعلان نقل السلطة في أبريل 2022، والقرارات التي أصدرها الزبيدي تتجاوز صلاحياته كعضو في المجلس، وبالتالي، تعد هذه القرارات غير شرعية من الناحية الدستورية والقانونية.
قراءة في دوافع الزبيدي
وفقًا لمحللين سياسيين، فإن خطوة الزبيدي تحمل عدة أبعاد سياسية، أهمها تثبيت نفوذ الانتقالي، والذي من خيلاله يريد الزبيدي أن يثبت أن الجنوب لم يعد في متناول العليمي أو أي طرف آخر، وأنه صاحب الكلمة الأولى في عدن والمحافظات الجنوبية.
ويجزم محللون سياسيون، أن تزامن إصدار القرارات، هي رسالة تحدٍ للعليمي، لكونها جاءت مباشرة بعد عودته، وكأنها رسالة بأن سلطته في الجنوب شكلية.
ويرى مراقبون، أن القرارات وضعت الرياض أمام اختبار حقيقي، هل ستقف مع العليمي كمظلة شرعية، أم ستتغاضى عن خطوات الزبيدي؟
ويرى محللون سياسون، أن إصدار هذه القرارات دون العودة إلى رئيس المجلس أو حتى التشاور مع بقية الأعضاء يُعتبر تحديًا واضحًا للرياض التي ما تزال تحاول ضبط التوازن داخل مجلس القيادة، كما أنه يعكس حجم الانقسام داخل المجلس.
النتائج المحتملة
ويقور مراقبون سياسيون، أن القرارت الأخيرة لعضو مجلس القيادة الرئاسي، هو تعميق الانقسام داخل مجلس القيادة، وزيادة من ضعف المجلس وتآكله داخليًا.
مشيرين إلى أن تلك القرارات ستعمل أيضًا على إضعاف العليمي، لكون أن الزبيدي أظهر العليمي في موقع العاجز عن اتخاذ قرار أو حتى مواجهة تمرد داخلي.
وخلص المراقبون أن قرارات عيدروس الزبيدي لم تكن مجرد تعيينات إدارية، بل هي رسالة سياسية بامتياز: “أنا الرئيس في الجنوب”.
وفي ظل غياب موقف حاسم من العليمي أو السعودية، فإن هذه الخطوة قد تفتح الباب لمزيد من الصدامات داخل مجلس القيادة الرئاسي، وربما تؤدي إلى انهيار ما تبقى من توافق هش بين أعضائه.