تشير تقارير استخباراتية حديثة إلى تصاعد خطير في التمدد الحوثي داخل القرن الأفريقي، وسط تأكيدات بدعم مباشر تقدمه جماعة الحوثي المدعومة من إيران لحركة الشباب الصومالية المرتبطة بتنظيم القاعدة، وذلك في سياق توسيع رقعة النفوذ الإيراني في المنطقة عبر أذرعها العسكرية والأمنية.
ويأتي هذا التطور الخطير في أعقاب الهجوم الذي شهدته العاصمة الصومالية مقديشو، الأحد الماضي، حيث سقطت عدة قذائف هاون في محيط مطار آدم عدي الدولي، ما أدى إلى تعطيل حركة الملاحة الجوية وتعليق عدد من الرحلات الدولية. ووفقًا لمصدر أمني صومالي تحدث لوكالة الأنباء الفرنسية، فإن القذائف أطلقت من مناطق تسيطر عليها حركة الشباب في ضواحي العاصمة، وأصابت منطقة مفتوحة ضمن محيط المطار، دون وقوع إصابات بشرية.
وأفاد موظفون في المطار بأن إحدى الطائرات التابعة للخطوط الجوية التركية اضطرت لتحويل مسارها نحو جيبوتي، فيما ألغت شركة مصر للطيران رحلتها المقررة في ذات اليوم، ما يعكس حجم التهديد الأمني الذي أصبح يشكله استهداف المطارات والمنشآت الحيوية.
كما أكدت بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال أن القصف استهدف معسكر “هالاني” شديد التحصين، والذي يضم مقار أممية ودبلوماسية، مشيرة إلى أن فرقاً هندسية تقوم بتقييم الأضرار الناجمة عن الهجوم. ويمثل هذا التصعيد تهديدًا مباشرًا للمجتمع الدولي ومؤسساته العاملة في الصومال، ما يضع علامات استفهام حول قدرة الحكومة الصومالية على فرض الأمن في العاصمة.
ويأتي هذا الهجوم بعد أسابيع فقط من محاولة اغتيال فاشلة استهدفت موكب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بعبوة ناسفة، أعلنت حركة الشباب مسؤوليتها عنها. وتشير المعطيات إلى تنامي قدرات الحركة سواء في التخطيط أو تنفيذ العمليات، ما يعكس تطورًا نوعيًا يُحتمل أن يكون بدعم خارجي.
وفي هذا السياق، تؤكد تقارير أمنية أن جماعة الحوثي اليمنية قامت خلال الأشهر الأخيرة بتكثيف أنشطتها في البحر الأحمر وخليج عدن، وبدأت في مد جسور تنسيق مع مجموعات مسلحة في القرن الأفريقي، أبرزها حركة الشباب. وتفيد المعلومات بأن الحوثيين يقدمون دعماً لوجستيًا واستخباراتيًا يشمل التدريب وتبادل المعلومات، وحتى توريد أسلحة خفيفة ومتوسطة عبر سواحل غير خاضعة لرقابة الدولة الصومالية.
وتحذر مصادر مطلعة من أن هذا الدعم يشكل جزءاً من استراتيجية إيرانية أوسع تسعى لإشعال بؤر توتر على طول السواحل الاستراتيجية للبحر الأحمر، من اليمن إلى الصومال، وذلك في محاولة لتهديد الملاحة الدولية ومصالح الدول الغربية والعربية في المنطقة.
ويضع هذا التداخل الحوثي في الشأن الصومالي تحديًا إقليميًا يتطلب تنسيقًا أمنيًا مشتركًا بين دول القرن الأفريقي والدول المطلة على البحر الأحمر، للحد من تداعيات هذا التمدد الذي بات يهدد الأمن البحري والتوازنات الجيوسياسية في واحدة من أكثر المناطق حساسية في العالم.
في ظل هذا المشهد، تبقى الحاجة ماسة لتحرك دولي وإقليمي حازم لمواجهة تنامي النفوذ الإيراني عبر وكلائه، والعمل على دعم قدرات الحكومة الصومالية، وقطع شرايين الدعم الذي يغذي آلة الإرهاب في المنطقة.