الثلاثاء, أبريل 15, 2025

حملة ترمب ضد الحوثيين.. بين النجاح المحدود والتكلفة الباهظة

في خطوة أعادت واشنطن إلى مربع الحسم العسكري، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حملة عسكرية شاملة ضد جماعة الحوثي في اليمن، مؤكدًا في تصريحات جديدة على صفحته الرسمية أن الحوثيين “لم يعودوا قادرين على مهاجمة السفن”، في إشارة إلى نجاح الضربات في تحييد التهديد الذي مثلته الجماعة على الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

وتأتي هذه الحملة في ظل تحركات عسكرية مكثفة استهدفت مراكز قيادة وسيطرة، ومنشآت عسكرية حساسة في صنعاء وصعدة والحديدة.

وفي الوقت ذاته، كشف مسؤول أمريكي أن هذه الحملة ستستمر لستة أشهر على الأقل، ما يعكس تصميم إدارة ترمب على تفكيك القدرات العسكرية للجماعة، وإنهاء التهديد الإيراني في خاصرة شبه الجزيرة العربية.

الحوثيون يتراجعون
الحوثيون، الذين دأبوا في تصريحات متواصلة أنهم يقصفون إسرائيل بالرغم من عدم قدرة الصواريخ البالستية والطيران المسير الوصول إلى تل أبيب، تراجعوا بشكل مفاجئ خلال الأيام الأخيرة عن تنفيذ أي هجمات جديدة، في تحول وصفه مراقبون بأنه “انكسار تحت الضغط العسكري الأمريكي”، لا سيما أن الضربات الأخيرة أربكت المنظومة العسكرية للجماعة، وأفقدتها القدرة على التنسيق والردع.

وقد حاولت قيادة الجماعة تغليف هذا التراجع بغلاف إعلامي يدعي “إعادة تموضع” أو “انتظار تعليمات المحور”، في حين تكشف الوقائع عن واقع مأزوم، بدءًا من الصمت المطبق بشأن الخسائر، وصولًا إلى فرار قيادات عسكرية من الصف الأول إلى مناطق نائية أو خارج البلاد.

عبدالملك الحوثي: خطاب التحدي يخفي الاستنجاد
زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي أطلّ بخطاب متلفز الجمعة 4 أبريل 2025، أكد فيه أن جماعته “لم تتأثر بالضربات”، غير أن الخطاب حمل بين سطوره نبرة استجداء لدول المنطقة للتدخل والوساطة لدى الولايات المتحدة.

هذا التوسل الضمني، يكشف عن حجم الضغط الذي تتعرض له الجماعة، ويعكس تخبطًا داخليًا، خاصة في ظل انعدام الرد أو القدرة على الرد.

واللافت أن الحوثي، في ذات الخطاب، لم يأتِ على ذكر الهجمات ضد إسرائيل، وهو تغييب لافت يشير إلى تخلي الجماعة مؤقتًا — وربما استراتيجيًا — عن هذا العنوان الذي طالما استخدمته لشرعنة تحركاتها العسكرية.

إيران تنسحب ظاهريًا
على الجانب الإيراني، جاءت التصريحات الأخيرة لمسؤول رفيع في طهران لتشير إلى نية لسحب بعض المستشارين العسكريين من اليمن، في خطوة يُنظر إليها كمناورة لتجنب تعرضهم لضربات أمريكية مباشرة.

ويبدو أن الضربات المكثفة قد أرغمت طهران على إعادة حساباتها، خوفًا من جرّها إلى مواجهة أوسع مع واشنطن.

وفي محاولة لطمأنة حلفائها، أجرى الرئيس الإيراني بزكشيان اتصالًا برئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط، أكد فيه استمرار الدعم الإيراني للجماعة، رغم التصعيد الأمريكي، ويعكس هذا الاتصال مساعي طهران للحفاظ على نفوذها في اليمن دون التورط المباشر في الصراع، خاصة في ظل الظروف الإقليمية والدولية المعقدة.

ترمب يعود إلى الحسم
حملة ترمب العسكرية لا يمكن فصلها عن المشهد السياسي الأمريكي الداخلي، إذ يسعى الرئيس الجمهوري إلى ترسيخ صورة القائد الحازم، بعد انتقادات طالت الإدارات السابقة بالتراخي تجاه الحوثيين وتهديداتهم.

ويبدو أن ترمب قد وجد في الجماعة الحوثية خصمًا نموذجيًا لعرض القوة العسكرية الأمريكية من جهة، وتوجيه رسائل صارمة إلى إيران من جهة أخرى.

لكن رغم النجاحات الميدانية التي تم تحقيقها، فإن تكلفة هذه الحملة ستكون باهظة، سواء من حيث الإنفاق العسكري أو من حيث تبعات التورط في ساحة يمنية معقدة ومتداخلة الأطراف، فضلًا عن خطر انزلاق الوضع إلى مواجهات أوسع قد تشمل ميليشيات إيرانية في العراق وسوريا.

نصر مؤقت أم بداية مواجهة طويلة؟
في المحصلة، نجحت الحملة الأمريكية بقيادة ترمب في كسر الزخم الحوثي، وأرغمت الجماعة على التراجع والتخفي، وأجبرت إيران على اعتماد تكتيك دفاعي أكثر تحفظًا؛ إلا أن هذه النجاحات تبقى محدودة ما لم تُترجم إلى استراتيجية سياسية شاملة تعيد ترتيب الوضع في اليمن، وتمنع الجماعة من إعادة تنظيم صفوفها لاحقًا، ودعم القوات الحكومية اليمنية بتحرير العديد من الأراضي ابتداء بمحافظة الحديدة الساحلية والضغط من الجنوبي الغربي عبر محافظة تعز، وتحرك جبهة مأرب والزحف نحو صنعاء في توقيت واحد.

وبينما تتواصل الضربات وتتكشف الخسائر، يبقى التساؤل الأبرز: هل ستقود هذه الحملة إلى تفكيك الحوثيين فعليًا، أم أنها مجرد جولة في حرب طويلة بين واشنطن وطهران على الأرض اليمنية؟

موجز الاسبوع

اعترافات متهمين بتصنيع صواريخ وطائرات مسيرة في الأردن وعلاقتهم بجماعة الإخوان

كشفت قناة "العربية" اليوم الثلاثاء عن اعترافات مصورة لثمانية...

الفوضى في البحر الأحمر.. الأبعاد الاستراتيجية والمصالح المتشابكة

تمثل عمليات ميليشيا الحوثي في البحر الأحمر ضد السفن...

وول ستريت: تشكيلات عسكرية يمنية تستعد لهجوم بري ضد الحوثيين بدعم أمريكي

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير خاص نقلاً...

العلاقة الخفية بين التوتر والسرطان.. ما الذي يقوله العلم الحديث؟

قبل قرابة ألفي عام، قال الطبيبان اليونانيان أبوقراط وجالينوس...

سفن حربية بلا قبطان

في خطوة تكنولوجية لافتة، تعمل شركة ناشئة تُدعى "Blue...

أهم المواضيع

اعترافات متهمين بتصنيع صواريخ وطائرات مسيرة في الأردن وعلاقتهم بجماعة الإخوان

كشفت قناة "العربية" اليوم الثلاثاء عن اعترافات مصورة لثمانية...

الفوضى في البحر الأحمر.. الأبعاد الاستراتيجية والمصالح المتشابكة

تمثل عمليات ميليشيا الحوثي في البحر الأحمر ضد السفن...

العلاقة الخفية بين التوتر والسرطان.. ما الذي يقوله العلم الحديث؟

قبل قرابة ألفي عام، قال الطبيبان اليونانيان أبوقراط وجالينوس...

سفن حربية بلا قبطان

في خطوة تكنولوجية لافتة، تعمل شركة ناشئة تُدعى "Blue...

الحوثيون يفقدون 70% من ترسانتهم العسكرية في مأرب والساحل

في ضربة استراتيجية موجعة، أفادت مصادر عسكرية مطلعة بتدمير...

الكشف عن موعد الكلاسيكو المرتقب بين برشلونة وريال مدريد

كشفت رابطة الدوري الإسباني عن تحديد موعد قمة الكرة...

هل يعود كريستيانو رونالدو إلى ريال مدريد؟

فتح النجم الإسباني السابق فيرناندو مورينتس باب التكهنات حول...

مقالات ذات صلة

تصنيفات الاوسط