أثار مركز بحثي دولي متخصص في رصد الصراعات المسلحة تساؤلات جدية حول صحة وشفافية اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين الولايات المتحدة والحوثيين في مايو الماضي، مؤكداً وجود أجندات مستترة لدى الطرفين وأن أزمة البحر الأحمر ما زالت بعيدة كل البعد عن الحل النهائي.
تناقضات في الخطاب الرسمي
أشار “مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة حول العالم” في تحليله إلى التباين الواضح بين التصريحات العلنية والوقائع الفعلية من كلا الجانبين، مما يشير إلى وجود مصالح خفية تحرك الطرفين.
وأوضح المركز أن الحملات الجوية الأمريكية لم تنجح في تدمير الترسانة العسكرية الحوثية بشكل كامل، خاصة الطائرات المسيرة والصواريخ طويلة المدى، رغم الضربات المتكررة.
الإعلان المثير للجدل
لفت التقرير إلى التوقيت المثير للجدل لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن “الحوثيين لم يعودوا يرغبون في القتال وقد استسلموا”، والذي تبعه بساعات قليلة الكشف عن بنود الاتفاق من العاصمة العمانية مسقط التي وصفها بـ”الوسيط الهادئ”.
وبموجب الاتفاق المعلن، التزم الطرفان بعدم استهداف بعضهما البعض، بما يشمل السفن الأمريكية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
موقف حوثي متحدٍ
كشف المركز عن وجود ملحق للاتفاق أعلنه الحوثيون بطريقة استفزازية، أكدوا فيه استمرار هجماتهم ضد إسرائيل. وجاء هذا الإعلان متزامناً مع خطاب لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الذي وصف فيه اتفاق وقف النار مع الأمريكيين بأنه مجرد “ملاحظة جانبية”.
ثلاث جبهات قتالية
حدد التحليل أن الصراع يدور على ثلاث جبهات منفصلة وليس أزمة واحدة:
- الحوثيون في مواجهة إسرائيل
- الحوثيون ضد الملاحة التجارية
- الحوثيون في مواجهة الولايات المتحدة
إحصائيات مثيرة للقلق
كشف المركز عن أرقام مقلقة للعمليات العسكرية خلال العام ونصف الماضيين، حيث نفذ الحوثيون أكثر من 520 هجوماً، استهدفوا خلالها ما لا يقل عن 176 سفينة، بالإضافة إلى 155 هجوماً على الأراضي الإسرائيلية.
وفي المقابل، ردت الولايات المتحدة بـ774 غارة جوية أسفرت عن مقتل 550 شخصاً على الأقل بين يناير 2024 ومايو 2025.
أكد المركز أن قوة الحوثيين الحقيقية لا تكمن في حجم ترسانتهم العسكرية، بل في قدرتهم على الحفاظ على حالة من عدم اليقين والخطر المستمر. وأشار إلى أن بعض الضربات الموجهة بدقة لا تزال قادرة على إحداث اضطرابات كبيرة في حركة الشحن العالمية وإشعال أزمات إقليمية جديدة.
خلص المركز إلى أن التصريحات العلنية تخفي مصالح براغماتية أكثر تعقيداً، وأن الصراع مدفوع بحسابات استراتيجية أكثر من المبادئ المعلنة، مرجحاً أن المواجهة في البحر الأحمر ستستمر لفترة أطول مما تشير إليه التصريحات الرسمية.