كشفت مصادر مطلعة على مجريات المفاوضات الأمريكية الإيرانية التي استضافتها العاصمة العمانية مسقط يوم السبت 12 أبريل 2025، عن تطورات لافتة في موقف طهران تجاه أذرعها الإقليمية، لا سيما جماعة الحوثي في اليمن، والتي باتت ورقة مساومة في يد الوفد الإيراني.
ووفقًا للمصادر ذاتها، جرت المحادثات “وسط أجواء وديّة” بحسب وصف وزارة الخارجية العمانية، التي لعبت دور الوسيط في إعادة تحريك قنوات التواصل غير المباشرة بين واشنطن وطهران.
ولفتت المصادر إلى أن الجلسة الأخيرة حملت مؤشرات عن تحولات في المقاربة الإيرانية، خصوصًا في ظل الضغوط الاقتصادية المتصاعدة التي تواجهها طهران بفعل العقوبات الأمريكية.
المصادر أفادت بأن الوفد الإيراني أدرج ملف الحوثيين ضمن أولويات التفاوض، مقدّمًا الجماعة كـ”ورقة ضغط يمكن التحكم بها”، وليست كـ”قوة مستقلة ذات قرار”، وهو ما اعتبرته مصادر مراقبة اعترافًا ضمنيًا بأن النفوذ الإيراني على الجماعة لا يزال مركزيًا، ويمكن توظيفه في سبيل تحقيق مكاسب استراتيجية على طاولة التفاوض.
وأضافت المصادر، أن إيران أبدت استعدادًا “لتقليص وربما التخلي عن دعمها لمليشيات الحوثي”، في حال حصلت على “مقابل مُرضٍ” من الجانب الأمريكي، لا سيما فيما يتعلق بتخفيف العقوبات الاقتصادية، خصوصًا تلك التي تضرب قطاعي النفط والمصارف.
وربط الوفد الإيراني خلال المباحثات أي تهدئة في البحر الأحمر، وخليج عدن، ومضيق باب المندب، بإحراز تقدم في ملفاتها مع واشنطن، مشيرًا إلى أن مليشيات الحوثي ستبقى “عناصر نشطة” ما لم تتجاوب الإدارة الأمريكية مع مطالب طهران المتعلقة بالملف النووي والعقوبات الاقتصادية.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها المصادر، فقد عرضت إيران بشكل مباشر “خفض الدعم العسكري والمالي للحوثيين”، ضمن صفقة تبادلية تتضمن تخفيف العقوبات الأمريكية، لا سيما ما يمكّنها من استعادة قدر من نشاطها النفطي والتجاري، في ظل الضغوط الداخلية المتزايدة التي تواجهها حكومة الرئيس الإيراني.
ورغم أن واشنطن لم تقدم أي وعود صريحة خلال الجولة، إلا أنها، وفقًا للمصادر، أبدت “استعدادًا لمقايضات جزئية”، بشرط “ثبوت التزام إيران بخفض التصعيد عبر أذرعها في المنطقة”، بما يشمل اليمن وسوريا ولبنان والعراق.
ويرى مراقبون أن طرح إيران ملف الحوثيين كورقة تفاوضية قد يشير إلى بداية مراجعة في استراتيجيتها الإقليمية، خصوصًا بعد تصاعد التوترات البحرية الأخيرة، والضربات العسكرية المتبادلة بين المليشيات المتحالفة مع طهران والقوات الأمريكية والبريطانية.
وتأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية للتهدئة في البحر الأحمر، حيث باتت الهجمات الحوثية على السفن التجارية مصدر قلق عالمي، يهدد استقرار الملاحة الدولية ويعقد جهود السلام في اليمن.
وفي حال تم التوصل إلى تفاهمات ملموسة بين الجانبين، قد يشكل ذلك اختراقًا كبيرًا في عدد من الملفات الشائكة، ويفتح الباب أمام تهدئة إقليمية أوسع، خصوصًا إذا ما تبعها خطوات عملية على الأرض، تُثبت أن طهران مستعدة لتعديل سلوكها عبر تخفيف دعمها لأذرعها المسلحة.