في مؤشر خطير على تنامي الانقسام والارتباك داخل البنية الأمنية لمليشيا الحوثي الإرهابية، كشفت مصادر مطلعة عن اعتقال اللواء عبدالقادر الشامي، نائب رئيس جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة، بتهمة التخابر وتسريب معلومات حساسة عن مواقع قيادية داخل الجماعة، بالتزامن مع اعتراف الحوثيين بمقتل القيادي الأمني البارز العقيد عبدالناصر سرحان مهيوب الكمالي، في غارة جوية أمريكية دقيقة استهدفته في محافظة مأرب.
وقالت مصادر قريبة من الجماعة، إن المليشيا نفّذت في الأيام الماضية حملة مداهمات واعتقالات طالت عدداً من قياداتها العسكرية والأمنية، على خلفية اتهامات بالخيانة والتخابر مع جهات أجنبية.
وأوضحت المصادر، أن هذه التحركات جاءت بعد سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع حساسة للحوثيين، وأسفرت عن مقتل عدد من القيادات، أبرزهم العقيد الكمالي، وهو مسؤول رفيع في جهاز المخابرات الحوثي.
وأكدت وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” في نسختها الحوثية أن الطيران الأمريكي شن خمس غارات على منطقة الجفرة بمديرية حريب، بمحافظة مأرب، استهدفت إحداها مخازن أسلحة في منطقة “الجوبة”، وأسفرت إحدى الضربات عن مقتل الكمالي، في استهداف اعتبره مراقبون تطورًا نوعيًا في مسار الاستهدافات الأمريكية للجماعة.
رعب داخلي وتخوين متبادل
هذه التطورات تعكس تصاعد حالة الرعب داخل الأجهزة الأمنية الحوثية، في ظل استهداف دقيق لمواقع وقيادات أمنية، وهو ما دفع قيادة الجماعة إلى شن حملات تصفية داخلية تحت مبرر “التخابر”، في محاولة للسيطرة على ما يبدو أنه انهيار أمني متسارع داخل أجهزتها.
وبحسب تقارير حقوقية وشهادات محلية، فإن الجماعة أصبحت أكثر توجسًا وريبة تجاه عناصرها، خصوصًا داخل جهاز الأمن والمخابرات، في ظل تصاعد الشكوك بوجود اختراق أمريكي أو تعاون داخلي مع أطراف إقليمية معارضة للجماعة. وتزايد الحديث عن صراع أجنحة داخل الجماعة، بين تيارات تدين بالولاء لإيران، وأخرى ترى في هذه الولاءات سببًا في الاستنزاف العسكري والسياسي الذي تعانيه الجماعة.
تحول في الاستراتيجية الأمريكية
اللافت في هذا التصعيد هو التحول الملحوظ في الاستراتيجية الأمريكية تجاه الحوثيين، إذ انتقلت من استهداف القدرات العسكرية إلى استهداف مباشر لرؤوس الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، في إشارة واضحة إلى تنامي التنسيق الاستخباراتي بين واشنطن وشركائها في الإقليم، ما يعني أن البنية الحوثية أصبحت مكشوفة بشكل غير مسبوق.
ويعتقد مراقبون أن مقتل الكمالي، واعتقال الشامي، سيكون لهما تداعيات داخلية كبرى، إذ لم يسبق أن استُهدف هذا المستوى من القيادات الأمنية في فترة قصيرة، ما يعزز فرضية وجود انقسام داخلي عميق وخلافات لم تعد تحت السيطرة.
انهيار أمني وتفكك محتمل
تشير المعطيات المتسارعة إلى أن جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين يمر بمرحلة اضطراب شديدة، تُنذر بانهيار وظيفي قد يُسهم في تقويض قدرة الجماعة على ضبط المشهد الداخلي. ومع تزايد الضغوط الخارجية والاختراقات الأمنية، فإن احتمالية تصاعد الانشقاقات، والتصفيات المتبادلة داخل الجماعة باتت أقرب من أي وقت مضى.
ويُتوقع أن تستمر واشنطن في هذه الاستراتيجية طويلة النفس، مستفيدة من الفوضى الحوثية الداخلية، لإضعاف الجماعة تدريجيًا من الداخل، دون الدخول في مواجهات برية أو حملات عسكرية واسعة النطاق.