شنت إسرائيل، مساء الإثنين 5 مايو 2025، سلسلة غارات جوية عنيفة استهدفت مدينة الحديدة الساحلية الواقعة غرب اليمن، والخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، وذلك في أول رد إسرائيلي مباشر على هجوم صاروخي باليستي أطلقته الجماعة واستهدف محيط مطار بن غوريون قرب تل أبيب.
وأكد مسؤولون عسكريون إسرائيليون أن نحو 30 طائرة مقاتلة شاركت في الضربات الجوية، وأسقطت ما لا يقل عن 48 قنبلة موجهة على مواقع متعددة داخل مدينة الحديدة، أبرزها منشآت مرتبطة بميناء المدينة، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة بشكل كامل، بحسب المصادر.
وقال بيان للجيش الإسرائيلي، إن الغارات استهدفت “بنى تحتية لوجستية وعسكرية تابعة لمليشيا الحوثي استخدمت في تنفيذ الهجوم الصاروخي الأخير”، فيما وصف محللون عسكريون الضربة بأنها “رد فعل انتقامي أكثر من كونها عملية عسكرية مخططة لضرب قدرات الحوثي بشكل استراتيجي”.
لا استراتيجية.. بل انتقام
ورغم حجم الهجوم، يرى مراقبون يمنيون، أن الضربات الإسرائيلية لم تكن جزءًا من خطة عسكرية واسعة تهدف إلى إنهاء التهديد الحوثي، بل جاءت كرد فعل سريع يستهدف البنية التحتية الحيوية، في محاولة لخلق ضغط شعبي داخلي على الجماعة، وتحفيز اليمنيين للانتفاض ضدها.
وفي هذا السياق، قال محلل عسكري يمني إن “إسرائيل اختارت استهداف ميناء الحديدة تحديدًا لما له من أهمية اقتصادية، وليس العسكرية، في رسالة واضحة بأن الهجمات الحوثية ستقابل بعقاب جماعي قد يدفع الشعب اليمني إلى سحب الغطاء الاجتماعي عن الجماعة”.
دعوات للتحرك البري
من جهته، دعا الناطق باسم القوات المشتركة اليمنية، وضاح الدبيش، إلى تحرك عاجل وشامل لإنقاذ ما تبقى من اليمن، منتقدًا حالة الجمود والتراخي في مواجهة المليشيا الحوثية.
وفي منشور على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، كتب الدبيش: “إذا أردنا الحفاظ على ما تبقّى من ملامح الدولة وبقايا البنية التحتية، فلا خيار أمامنا سوى التحرك العاجل لتحرير اليمن من جحافل مليشيا الحوثي وقطع الطريق أمام المشروع التدميري الذي يقوده الأمريكان والإسرائيليون والحوثيون”.
وأضاف: “الخلاص لن يأتي من الخارج، بل من إرادة يمنية خالصة”، مشددًا على أن “ساعة النهوض قد حانت، ولا مستقبل لهذا الوطن إلا بزوال هذا الكابوس الحوثي الذي دمر حاضر ومستقبل اليمن أرضًا وإنسانًا”.
دعم شعبي لتحرك الحكومة الشرعية
ردود الأفعال اليمنية على الضربات الإسرائيلية تباينت بين من اعتبرها تحذيرًا حاسمًا للحوثيين، ومن حذر من أن استهداف الموانئ والبنية التحتية لن يردع الجماعة، بل سيزيد من معاناة المدنيين.
وطالب كثير من اليمنيين المجتمع الدولي بدعم تحرك بري تقوده الحكومة الشرعية، لإنهاء خطر الجماعة المسلحة، بدلًا من الاعتماد فقط على ضربات جوية قد تضر بالشعب أكثر مما تضر بالمليشيا.
وأشار مراقبون إلى أن الجماعة الحوثية، وعلى غرار تجاربها السابقة، قد تستغل الضربات الجوية لتأجيج خطابها الدعائي ضد “العدوان الخارجي”، وتجنيد المزيد من المقاتلين في صفوفها، ما لم يُقابل هذا التصعيد بإجراءات حاسمة على الأرض.
ويعتبر العديد من المحللين، أن الهجوم الإسرائيلي على الحديدة يعيد تسليط الضوء على خطورة بقاء مليشيا الحوثي كقوة مسلحة خارجة عن الشرعية، وضرورة التحرك العسكري والسياسي الحاسم من قبل الحكومة اليمنية والتحالف الداعم لها.
فالمعادلة باتت واضحة: إما أن يتحرك اليمنيون لتحرير بلادهم من المشروع الحوثي الإيراني، أو يظل الوطن ساحة لصراعات إقليمية مدمرة.
وتُعد الحديدة منفذًا حيويًا لدخول المساعدات الإنسانية إلى شمال اليمن، وقد يؤدي تعطل الميناء إلى كارثة إنسانية جديدة ما لم تُفتح ممرات بديلة، أو يُعاد تشغيله سريعًا.