في تصريحات جديدة مثيرة للجدل، جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإثنين، تأكيده على أن جماعة الحوثيين اليمنية أبلغت واشنطن رسميًا برغبتها في وقف استهداف السفن والمصالح الأمريكية في المنطقة، واصفًا ذلك بأنه “نجاح لم تستطع تحقيقه أي إدارة أمريكية سابقة”، ومؤكدًا أن الضربات التي شنتها القوات الأمريكية على الحوثيين كانت فعالة بما يكفي لإجبار الجماعة على التراجع.
لكن خلف هذا “الإنجاز” الظاهري، تكشف معلومات متقاطعة عن خطة إيرانية متكاملة أعدها الحرس الثوري الإيراني تهدف إلى إظهار واشنطن، وتحديدًا إدارة ترامب، في موقف ضعف سياسي غير مسبوق.
ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن سلطنة عُمان لعبت دور الوسيط في إيصال مبادرة حوثية – إيرانية إلى واشنطن، تتضمن عرضًا بوقف الهجمات ضد السفن الأمريكية فقط، مقابل وقف واشنطن لضرباتها الجوية على مواقع الحوثيين في اليمن.
وبالرغم من أن الولايات المتحدة كانت تعتبر نفسها “حامية للملاحة الدولية” في البحر الأحمر وباب المندب، فإن القبول بهذا الاتفاق الجزئي أثار تساؤلات كبيرة حول جدية الموقف الأمريكي، خصوصًا في ظل استمرار الهجمات الحوثية على السفن المرتبطة بإسرائيل ودول أخرى.
ويُنظر إلى هذا التفاهم على أنه خروج أمريكي عملي من التزاماتها تجاه الشراكات الإقليمية، وعلى رأسها إسرائيل، التي تعد هدفًا رئيسيًا في استراتيجية الحوثيين العسكرية.
ويُعد هذا الاتفاق، بالنسبة لدوائر صنع القرار في طهران، خطوة متقدمة في إظهار واشنطن كلاعب يمكن تطويعه عبر رسائل غير مباشرة ومن وكلاء محليين، وفقًا لمحللين سياسيين.
ولعلّ أبرز ما يلفت النظر في هذا التطور هو أن الحوثيين لم يعلنوا رسميًا عن وقف استهداف السفن بشكل عام، بل فقط عن تجميد استهداف المصالح الأمريكية، ما يعزز من فرضية أن الهدف الإيراني كان تسويق “نصر دبلوماسي وهمي” لإدارة ترامب، مقابل إبقاء أدوات الضغط الاستراتيجية بيد طهران ومليشياتها.
ويفتح هذا التحول الباب أمام مرحلة جديدة من التعامل الأمريكي مع الملف اليمني، خصوصًا في حال استمرت الجماعة في استهداف سفن غير أمريكية، ما يعيد تعريف دور واشنطن من “حامية الملاحة” إلى طرف يبحث فقط عن تحييد خطر مباشر عنه، ولو كان ذلك على حساب شركائه.