أكدت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أن المقاومة الفلسطينية تدير حرب استنزاف طويلة الأمد ردًا على ما وصفته بـ”الإبادة ضد المدنيين”، مشيرة إلى أنها تفاجئ القوات الإسرائيلية يوميًا بتكتيكات ميدانية متجددة ومتطورة.
وفي بيان صادر عن الحركة، شددت “حماس” على أن تصعيد قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليتها العسكرية لا يحقق الأهداف المرجوة، بل يفاقم من خسائرها البشرية والمادية، ويدفع بالأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها “نحو المجهول”.
من الناحية السياسية، تكشف تصريحات “حماس” عن استراتيجية واضحة تهدف إلى قلب المعادلة الإسرائيلية رأسًا على عقب، فبينما يراهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الحسم العسكري السريع، تؤكد الحركة أن الحل الوحيد يكمن في “صفقة شاملة” – وهو ما ترى أن نتنياهو يرفضه.
هذا الموقف يضع الحكومة الإسرائيلية في مأزق سياسي مزدوج: فمن جهة، تواجه ضغوطًا داخلية متزايدة من أهالي الأسرى للتوصل لاتفاق، ومن جهة أخرى، تواجه ضغوطًا من أحزاب اليمين المتطرف في الائتلاف الحكومي لمواصلة العمليات العسكرية.
عسكريًا، تشير تصريحات “حماس” إلى تحول جوهري في طبيعة المواجهة، فبدلاً من المواجهة المباشرة التقليدية، تتحدث الحركة عن “تكتيكات ميدانية متجددة” تهدف إلى إطالة أمد المواجهة وتحويلها إلى حرب استنزاف.
هذا التكتيك ليس جديدًا في تاريخ حروب العصابات، حيث تعتمد القوى الأقل عددًا وعتادًا على استنزاف العدو الأقوى من خلال عمليات متقطعة ومتنوعة، بدلاً من المواجهة المباشرة التي قد تكون في غير صالحها.
رسالة نفسية ودعائية
تصف “حماس” ما يتحدث عنه نتنياهو من “نصر مطلق” بأنه مجرد “وهم يضلل جمهوره”، وهو ما يمثل جانبًا مهمًا من الحرب النفسية والدعائية المصاحبة للمواجهة العسكرية.
من وجهة نظر الحركة، فإن الحرب التي “أرادها نتنياهو بلا نهاية تحولت إلى عبء يومي”، وتتوقع أن تكون هذه الحرب سببًا في “نهايته السياسية والشخصية، بعد سقوط وهم الحسم السريع”.
تكشف هذه التصريحات عن طبيعة المواجهة الحالية كمعركة إرادات أكثر منها معركة عسكرية تقليدية.
فبينما تراهن إسرائيل على قدرتها العسكرية المتفوقة لتحقيق نصر سريع، تراهن “حماس” على قدرتها على الصمود والاستمرار، محولة المواجهة إلى سباق زمني يختبر قدرة كل طرف على تحمل التكاليف – العسكرية والسياسية والاقتصادية.
في النهاية، تبقى المعادلة الأساسية معلقة: هل ستنجح استراتيجية الحسم العسكري الإسرائيلية، أم ستثبت فعالية استراتيجية حرب الاستنزاف التي تتبناها المقاومة الفلسطينية؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد ملامح المشهد السياسي والعسكري في المنطقة للفترة المقبلة.