تشهد مناطق سيطرة جماعة الحوثيين في اليمن حملة عنيفة ضد التيار السلفي، حيث تم استهداف مراكز تعليمية ومساجد ودور للقرآن الكريم، في محافظات إب، ذمار، ريمة، وعمران، في ما وصفه السلفيون بحرب “مسعورة” لتصفية وجودهم.
الحملة، التي يُزعم أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي يشرف عليها شخصيًا، تأتي بعد عقد من اتفاقيات التعايش الهشة التي أُبرمت بين الطرفين، بدءًا من اتفاقية معبر في ذمار عام 2014.
تصفية داعية سبعيني في ريمة
أفاق اليمنيون، الأربعاء 2 يوليو 2025، على خبر مقتل الداعية السلفي صالح حنتوس، البالغ من العمر 70 عامًا، في محافظة ريمة، بعد حصار منزله من قبل الحوثيين وقصفه، ما أدى إلى إصابة زوجته وأقاربه.
حنتوس، الذي كرس أكثر من 50 عامًا لتعليم القرآن، كان يدير حلقات تعليمية في مسجد مجاور بعد إغلاق دار القرآن التي كان يشرف عليها قبل خمس سنوات.
مصادر محلية وصفت الحادث بأنه جزء من حملة ممنهجة للقضاء على النفوذ السلفي، والإسلام السني المعتدل.
اقتحامات في إب وعمران
في إب، اقتحم الحوثيون مسجد ومركز “السنة” في مديرية العدين، وسحبوا الإمام عبد السلام البعني من المحراب بالقوة، واعتدوا عليه وعلى طلاب المركز.
كما أمروا بإخلاء سكن الإمام والطلاب لإحلال مسلحي الجماعة، وفي عمران، اقتحم مسلحون بقيادة القيادي الحوثي أبو غالب الغيلي مسجد الشيخ عايض مسمار في مدينة خمر، واعتقلوا تسعة أشخاص، بينهم الداعية خالد مصارط، وأغلقوا المسجد.
انهيار اتفاقيات التعايش
في يونيو 2014، أبرم السلفيون والحوثيون اتفاقية تعايش في معبر، ذمار، نصت على التعايش السلمي وحرية الفكر والثقافة، لكن الاتفاقية، التي وقّعها القيادي الحوثي يوسف الفيشي، لم تتضمن آليات تنفيذ واضحة، لاحقًا، في 2015 و2019، شُكلت لجان مشتركة لضمان التعايش، لكنها تحولت إلى أدوات لتقييد الخطاب السلفي، حيث فرض الحوثيون شروطًا مثل منع التحريض ضدهم والدعاء ضد أمريكا وإسرائيل في الخطب.
سياسة القمع الحوثية
الحملة الحالية تعكس استراتيجية حوثية لتعزيز السيطرة عبر القضاء على المنافسين الأيديولوجيين، خاصة السلفيين الذين يتمتعون بنفوذ تعليمي واجتماعي.
الحوثيون، الشيعة الإيرانية، يرون في السلفية تهديدًا بسبب ارتباطها المزعوم بالوهابية المدعومة سعوديًا، هذه السياسة لا تهدف فقط إلى القمع الديني، بل إلى تعزيز الهيمنة السياسية والطائفية في مناطق سيطرتهم، غير أن هذه الأفعال قد تزيد من عزلة الحوثيين محليًا، وتغذي المقاومة، وتُعيق جهود السلام في اليمن.
تداعيات إنسانية وسياسية
أثارت هذه الهجمات مخاوف جدية بشأن الحرية الدينية وحقوق الإنسان، الحكومة اليمنية ومنظمات حقوقية طالبت بتحقيقات دولية، واصفة الحوثيين بارتكاب جرائم حرب.
استهداف شخصيات مثل حنتوس قد يعمق الانقسامات الاجتماعية ويعرقل المصالحة في بلد مزقته الحرب.